الإحترافية في تأدية الشخصيات الصوتية

House
يعتبر السيناريو مجرد ورقة بها خطوط ومكتوب عليها كلمات، بغض النظر عن مدى براعة كاتب السيناريو؛ إلا أن الموهبة الصوتية المحترفة تضفي حياة على هذا النص، وتعمل على إيصال العواطف والمعاني الكامنة بين الكلمات في سبيل تقمصه للدور داخل القصة بشكل متكامل مع باقي الأدوار الأخرى من أجل تنفيذ رؤية كاتب قصة الفيلم. يختلف أداء الأدوار الصوتية في المواد المرئية مثل الأفلام الوثائقية والمسلسلات والأفلام الأجنبية المدبلجة للغة العربية، أو أي لغة أخرى و أفلام الكارتون التي تُظهر الموهبه الحقيقيه الكامنه بداخل الممثل عن أداء أغنية كما أنها تختلف أيضاً عن التعليق الصوتي للمباريات الرياضية في الوقت الحالي، أصبح وكأنه أداء صوتي يحمل بين طياته العاطفة والإثارة وتشعر وكأنك داخل معركة حامية للغايه بين فرسان وعتاد حربي! و كلما بذلنا طاقتنا لجعل الأداء الصوتي فناً وحرفة بحيث لو اطلع أي متابع من خارج وسط المعلقين الصوتيين أو مؤدّيي الشخصيات الصوتية الكرتونيه فإنه لن يستطيع أداء الأعمال بنفس المستوى مما يزيد من فرص امتلاكنا لهذه المنطقة من الفن وذلك من خلال إخراج السيناريو بطريقتنا المميزة والخاصة. ما الذي نعنيه بإخراج السيناريو بطريقتي الخاصة والمميزة أو جعله ملكك ؟ حسناً، ينبغي على فنان في مجال الأداء الصوتي أن يضيف أسلوبه و طاقته و نبرة صوته، وتسارعه للنص الذي يقرأه، وقد يكون هذا الأمر صعباً خصوصًا في السيناريوهات المعقدة، إلا أنه لا بدّ له من أداء النص بطريقة .تدل على اسم الفنان دون غيره هل قرأت مقالات مثلًا، لنزار قباّني؟ يعرف عن الشاعر الكبير أنه لو وقعت ورقة منه في الشارع وقرأها من قرأها لقال أن هذه الكلمات ما خرجت إلا من نزار قباّني، وبالمثل لو قام أحدهم بسماع صوت لفيلم مدبلج سيعرف أن هذا الصوت يعود للفنان الفلاني، ما الذي جعل أذن هذا المستمع تتعرف على الفنان من أدائه الصوتي؟ بالطبع ليس مِن مجرد نبرة صوته الخاصة كصوت الفنان الكبير عبد الرحمن أبو زهره في تجسيد شخصيه سكار في مسلسل سيمبا.. فينبغي عليك كمعلق صوتي، عند تكليفك بأداء سيناريو صوتي معين، أن تتعرف على الهدف العام للسيناريو وفي أي إطار ستكون الشخصية التي ستؤديها، وبأي طريقة ستصل للهدف العام، الأمر يتطلب منك أن تجعل الأداء مفعماً بالنشاط والحيوية، وبشكل طبيعي غير متصنع، كلمات النص تحتاج لأن تقدم بسلاسة وسهولة، وليس وكأننا نقرأ مجرد كلمات في جريدة ورقيه قراءة عابرة لا نولي أي اهتمام لما تحتويه من تفاصيل! الكلمات تحتاج من المؤدي الصوتي )المعلق الصوتي( أن يؤديها وكأنه يمتلكها وتمتزج في روحه لتخرج من خلال صوته، فيتردد صداها بين الجماهير فالإحساس هو عنصر ضروري لنجاحك في تأدية شخصيتك الصوتية في القصة . الوصول إلى مثل هذه الاحترافية لا يأتي من يوم وليلة، يحتاج للكثير من التدريب، والاهتمام بأدق التفاصيل، وتقديم كل ما يتطلبه المشهد، الموقف، العاطفة، ونوعية الأداء، من أجل الوصول إلى إقناع الجمهور بأدائك للشخصية، كل ذلك يتطلب فهمًا عميقاً للموضوع وإدراكِ ماهية العبارات والكلمات الرئيسة التي من شأنها التأثير على المستمع . كما يتطلب معرفة وتيرة القراءة "السرعة" المناسبة، وتحديد أيٍ من الكلمات التي ستركز عليها وتعطيها اهتماماً أكثر من غيرها، وتتعرف على الكلمات والعبارات التي يتطلب سياق القصة أن تقرأها قراءة عابرة . أن تصبح معلقاً صوتيا للأعمال ذات الصبغة الدرامية، سواء للتلفاز أو الإذاعة، الأفلام الدرامية أو الوثائقية، أو المدبلجة، أمر لا يقتصر فقط على جودة الصوت، الفنان المؤدي للأدوار الصوتية لديه المقدرة على ترجمة أدق التفاصيل في حبكة المادة المرئية إلى مشاعر صوتية ملموسة، فالمستمع لن يرى ملامح وجهك بل كلماتك هي من ستصور له كل ما لن يراه من حركاتك وإيماءاتك وملامح وجهك المتقلبة حسب النص الدرامي.. هل عرفت الآن ماذا كنا نعني بأن تجعل النص ملكًا لك و كأنه جزء منك ؟